اغلاق
اغلاق

هل تشعرون بفقدان حاسّة الشّم؟ ربما تعانون أنتم أيضا من هذه الحالة 

Wazcam, تم النشر 2024/09/09 17:45

هل تشعرون بفقدان حاسّة الشّم؟ ربما تعانون أنتم أيضا من هذه الحالة 
"البوليبات الأنفية" قد يبدو مصطلحًا غريبًا، ولكنه يشير إلى مرض قد يتسبّب بفقدان حاسّتي الشم والتذوّق، وفي بعض الحالات يؤثّر بشكل كبير على جودة حياة المرضى. تشرح البروفيسورة نانسي أغامون ليفين من مستشفى "شيبا" كيف ينشأ المرض، ما هي أعراضه، وكيف يمكن للعلاجات التي تعيق تطوّر البوليبات أن توفّر على المرضى الحاجة إلى إجراء عمليات جراحية متكرّرة كل بضعة أشهر.
من منّا لم يشعر بانسداد الأنف، وصعوبة في التنفّس والشّم، وتراجع حاسة التذوّق؟ بالنسبة لمعظم الناس، تكون هذه الأعراض نتيجة نزلة برد بسيطة تختفي بعد بضعة أيام. ولكن ماذا لو أصبحت هذه الحالة مزمنة وتسبّبت في تدهور كبير في جودة الحياة؟ 
التهاب الجيوب الأنفية المزمن مع البوليبات الأنفية (CRSwNP)، المعروف اختصارًا بـ "البوليبات الأنفية"، هو مرض مزمن حيث تنمو أورام حميدة من أنسجة الغشاء المخاطي في الأنف. عمليّا، هي مثل "بالونات" صغيرة تسدّ تجاويف الأنف كنتيجة لعمليات ومراحل مناعية (التهابية) في تجويف الأنف. على الرغم من أن هذه العملية حميدة تمامًا، إلا أنها تشكّل إزعاجًا كبيرًا يؤثّر بشكل كبير على جودة الحياة.

يشعر المرضى الذين يعانون من البوليبات الأنفية بأعراض مشابهة لتلك التي يشعر بها الأشخاص المصابون بنزلات برد شديدة، مثل الشعور بالاحتقان وانسداد الأنف، والتي قد تكون جزئية، أو كاملة، أو في جهة واحدة، أو في  الجهتين. بسبب هذا الانسداد، يحدث فقدان لحاسّة الشم، يتبعه فقدان لحاسة التذوق، وفي بعض الحالات قد يتطوّر الأمر إلى مشاكل في الجهاز التنفّسي بسبب صعوبة التنفّس. قد يعاني بعض المرضى أيضًا من التهابات موضعية تستدعي العلاج الطبي الفوري.

2%-4% من السكان يعانون من هذا المرض
الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض يصفون تجربة غير مريحة، خاصة عندما يستلقون على ظهورهم في السرير ويجدون صعوبة حقيقية في التنفّس. تلك البوليبات التي تسدّ الأنف، تعيق أيضًا تصريف الجيوب الأنفية - وهي تجاويف هوائية تقع في الفكّ والجبين وتصرّف الهواء والإفرازات إلى تجويف الفم. عندما يحدث انسداد لهذه التجاويف، لا يمكن تصريف السوائل، وكل من عانى من التهاب الجيوب الأنفية في حياته يعرف أنه يسبب صداعًا حادًا، قد يتحول إلى عدوى خطيرة. بالفعل، هؤلاء المرضى معرّضون أيضًا لخطر كبير للإصابة بالعدوى.
تبدأ مجاري التنفّس لدينا من طرف الأنف وتنتهي عند طرف الرئتين، ولذلك فإن أمراض الجهاز التنفسي العلوي مثل البوليبات الأنفية والتهاب الأنف التحسّسي ترتبط بشكل وثيق بأمراض مثل الربو و"ربو الجلد" (التهاب الجلد التأتّبي). انتشار مرض البوليبات الأنفية في المجتمع يشير إلى أنه ليس مرضًا نادرًا. وفقًا للتقديرات، بين 2%-4% من السكان يعانون منه، وغالبية المرضى في الأربعينيات والخمسينيات من عمرهم. في بعض الأحيان، نرى أيضًا مراهقين وأطفالًا يعانون من البوليبات الأنفية بدرجة شديدة، ولكن هذه الحالات نادرة نسبيًا.
مرض غير خطير ولكنه يسبّب معاناة كبيرة
تأثير مرض البوليبات الأنفية على جودة حياة المرضى كبير جدًا. هناك أمراض خطيرة ولكن لا يشعر المريض بها كأمراض صعبة، والعكس صحيح - هناك أمراض غير خطيرة مثل البوليبات الأنفية، ولكنها تسبّب معاناة كبيرة في حياة المرضى اليومية. والدليل على ذلك هو أن الأشخاص الذين يعانون من البوليبات الأنفية يوافقون على الخضوع للعديد من العمليات الجراحية المعقّدة لإزالة البوليبات، فقط للحصول على بضعة أشهر من الراحة.
توجد علاجات مختلفة للبوليبات الأنفية. إنه مرض نعرفه منذ سنوات عديدة ولذلك نعرف كيفية علاجه. في شكله الخفيف، يُعالج المرض في الغالب باستخدام مستحضرات موضعية تعتمد على الستيرويدات مثل بخّاخات الأنف المختلفة. هذا العلاج موضعي وآمن نسبيًا، ويهدف إلى علاج العنصر المناعي أو التحسّسي للمشكلة. في الحالات الشديدة، يتم اقتراح الجراحة على المرضى. في الواقع، يخضع المرضى لإجراء جراحيّ يتم فيه استئصال البوليب الذي يسدّ تجاويف الأنف، مما يسمح لهم بالعودة إلى حياتهم الطبيعية - التنفّس، الشّم، والشّعور بالطّعم. في الحالات الأكثر تعقيدًا، تُجرى عمليات جراحية أكثر شمولاً يتم فيها إزالة جدران تجويف الأنف والجيوب الأنفية قدر الإمكان.
العلاج الجراحي ناجح بالنسبة لبعض المرضى، ولكن للأسف، بالنسبة للمرضى الذين يعانون من المرض بدرجة شديدة، هناك إمكانية كبيرة لعودة البوليبات، وتوفّر الجراحة راحة مؤقتة فقط. في الواقع، يضطر هؤلاء المرضى إلى تلقي علاجات ستيرويدية تُعطى بشكل شموليّ وليس موضعيًا فقط - وتترافق معها العديد من الآثار الجانبية، بالإضافة إلى الخضوع للعمليات الجراحية المتكررة التي لا تنجح أيضًا في القضاء على المرض. اليوم، باستخدام اختبارات مختلفة ومعرفة المرض، نستطيع التنبّؤ مسبقًا بأي من المرضى يمكن للجراحة أن تساعدهم، ومن منهم لديه احتمال كبير لعودة المرض حتى بعد الإجراء الجراحي.
يمكن تجنب الحاجة إلى عمليات جراحية متكرّرة
في هذه الحالات، يمكن الحفاظ على الراحة التي تم تحقيقها من خلال الجراحة و/أو توفير راحة أولية للمريض وتجنيبه الحاجة إلى جراحة أخرى باستخدام العلاجات البيولوجية التي تتيح تأخير تلك الآليات المناعية التي تسبّبت في تكوّن البوليبات. اليوم، نفهم هذه العملية بشكل دقيق لدرجة أن هناك أدوية موجهة ضد بروتينات معينة في الجهاز المناعي المسؤولة عن تفعيل المسار الذي يشجّع على إنتاج البوليبات.
بفضل تقدم العلم والتكنولوجيا، في حال لم تكن الحالة تحت السيطرة وكان هناك حاجة لأكثر من دورتين من العلاج بالستيرويدات الشمولية في السنة، يمكن فحص إمكانية العلاج بالعقاقير البيولوجية الآمنة والفعّالة، والتي تظهر نتائج ممتازة وتتيح السيطرة على المرض. تحت العلاج البيولوجي، نلاحظ تحسّنًا لدى المرضى خلال أسابيع قليلة، وفي الواقع، يتقلّص حجم البوليبات حتى تختفي تمامًا، ويعود المريض للتنفس براحة.

الكاتبة خبيرة في علم المناعة السريرية والحساسية وتشغل منصب مديرة معهد علم المناعة السريرية والاستسقاء (angioedema) والحساسية في المركز للأمراض المناعية الذاتية بمستشفى "شيبا – تل هشومير".
لمزيد من المعلومات، يُرجى استشارة الطبيب/ة المعالج/ة.

heightقد يهمك ايضا